الجمعة، 13 مايو 2011

نسب الشيخ أحمد بن علي حمداوي الادريسي



نسب الشيخ أحمد بن علي
           
     القاعدة الفقهية أن الناس مصدقون في أنسابهم ، ولكن الادعاء والانتحال قد عمَّ في هذا المجال ، لذلك لابد من التوثيق التاريخي تأكيداً وتثبتاً ، وهو ما نعتمده في هذه الدراسة. وقد كفانا ابنُ حزم في كتابه "جمهرة أنساب العرب" سواء في نسخته التي حققها الدكتور المنجد ، أو النسخة التي حققها جماعة من الأساتذة ، مؤونة توثيق نسب سيدي أحمد بن علي الدرعي ، عند حديثه عن ذرية المولى إدريس الأكبر دفين زرهون ، من نسل حمود الناصر بالأندلس. فقال في الصفحتين 50-51 من نفس الكتاب: ( ومنهم: القاسم ، المسمّى المأمون ، وعلي ، المسمّى الناصر تسمَّياً بالخلافة بالأندلس ، ابنا حمُّود بن ميمون بن حمّود ، واسمه أحمد ، ابن علي بن عبيد الله بن عمر بن إدريس بن إدريس ، وذلك أنّ عمر بن إدريس بن إدريس كان له من الولد : عبيد الله ، ومحمد ، وعلي ، وموسى ، وإدريس ، فولد عبيد الله بن عمر بن إدريس : علي ، وإبراهيم ، وحمزة ، والقاسم ، فولد علي بن عبيد الله بن عمر : القاسم ، وأحمد حمّود ، فولد أحمد حمود هذا : ميمون ابن حمود ، فولد ميمون : حمود بن ميمون : فولد حمود بن ميمون : القاسم ، وعلى المذكوران ، فولد القاسم بن حمود بن ميمون المأمون المذكور : محمد ، صاحب الجزيرة ، وتسمّى بالخلافة : والحسن ، تنسّك ولبس الصوف وحجَّ. وولي الجزيرة بعد محمد ابن القاسم المذكور ابنه القاسم بن محمد ، ولم يتسم بالخلافة، إلى أن خرج عنها سنة 446 واضمحل أمرهم كلهم.
         وولد علي بن حمود الناصر: يحيى المُعتلي ، وإدريس المتأيد ، تسمّياً بالخلافة في الأندلس. فولد يحيى : المعتلي حسن ، صاحب سبته ، تسمّى أيضاً بالخلافة ، ولم يعقب : وإدريس ، تسمّى أيضاً وتلقب بالمتعالى ، وأعقب ابناً واحداً اسمه محمد ، وهو آخر ولاتهم ولم يتسم بالخلافة ، وولد إدريس المتأيد : عليّ ، ويحيى ، ومحمد ، وحسن ، مات علي في حياة أبيه ، وأعقب ابناً اسمه عبدالله. وأمّا يحيى ، فقتله ابن عمه لـحـًّا حسن بن يحيى ، إذ ولي الأمر ، أعقب ابناً اسمه إدريس ، وهو الآن بقرطبة. وأما محمد ، فقام على ابن عمه إدريس بن يحيى ، وتسمّى بالمهدي ، ودعا بالخلافة ، وحارب ابن عمه إدريس بن يحيى ، وكلاهما تسمّيا بالخلافة ، وبينهما نحو عشرة فراسخ ! ومات وله من الولد : علي ، وإدريس ، وأمّا حسن ، فهو معتقل عند ابن عمه إدريس بن يحيى ، ثم أفلت ، فأخرجه أخوه عن نفسه إلى العدوة ، وتسمّى بالسامي عند غمارة ، ثم اضمحلَّ أمره ، وخرج إلى المشرق ، ثم اضمحلَّ أمر جميعهم ، ولم يبقَ لهم أمر في رجب سنة 488. وبقى من بقي منهم طريداً ، شريداً ، في غمار العامة. وكان بدء أمرهم في شوال سنة 400 ، إذ ولى القاسم بن حمود سبتة إلى التاريخ المذكور. وكان هذا الفخذ من أفخاذهم خاملاً، وكانوا صاروا بتازغدرة من عمل غمارة، وإنما كانت الرياسة منهم في ولد القاسم وعيسى ابني إدريس بن إدريس، وصاحب درعة، أحمد بن علي بن أحمد بن إدريس بن يحيى بن إدريس..)

         من هذا النص يتضح أن أحمد بن علي الدرعي (صاحب درعة) من ذرية إدريس الذي كان خليفة في قرطبة ، ابن يحيى بن إدريس المتأيد ، بن علي بن حمود الناصر ابن ميمون بن حمود بن علي بن عبيد الله بن عمر بن إدريس بن إدريس بن عبدالله الكامل بن الحسن المثني بن الحسن السبط بن علي بن أبي طالب -كرّم الله وجهه- من زوجته الطاهرة فاطمة الزهراء بنت رسول الله -صلى الله عليه وسلم-.
         وكان إدريس بن يحيى خليفة بقرطبة ، فقام عليه ابن عمه محمد وحاربه ، وأقام كل منهما (خلافة !) في مدينة أندلسية تبعد عن مدينة خلافة الآخر بعشرة فراسخ (ثلاثين ميلاً). واستمر التقاتل والتحاسد والبغضاء بين بني حمود في الأندلس إلى أن ذهب ريحهم وقضى عليهم وشردوا في الآفاق.
         أمّا عن زمن هجرة الحموديين (بني حمود) في الأندلس إلى المغرب العربي (تونس والجزائر والمغرب) فهو وإن كان عند سقوط دولتهم بتناحرهم فيما بينهم فإن تفاصيل هذه الهجرة لا تسعها هذه الدراسة ، وإن كانت بعض المصادر التاريخية التي توفرت لي قد أشارت إليها إشارة عارضة ، مثل ما ورد في كتاب "الإعلام بمن حلَّ بمراكش وأغمات من الأعلام" (5/217) ، للعباس بن إبراهيم التعارجي حيث قال: ( أولاد المرِيِّـي -نسبة إلى ألـمرية- هم والحموديون فرع واحد ، دخلوا فاس سنة 1012 هـ في قول ، ولهم عقب في فاس ).
       كما أشارت كتب تاريخ عديدة إلى نزوح بعض منهم عقب سقوط دولتهم مباشرة إلى سبتة ، وبروز أعلام فـيهم ، من مثل الشريف الإدريسي ( محمد بن محمد بن عبدالله ابن إدريس المتأيد بن يحيى بن علي بن حمود الحمودي ) الذي هاجرت عائلته بعد سقوط قرطبة بيد صنهاجة إلى سبتة ، وهاجر هو إلى صقلية ، حيث آواه ملكها "روجار" وأكرمه فألف له كتاب الجغرافية الشهير "نزهة الآفاق في اختراق الآفاق". ووضع له خارطة للأرض على كرة من الفضة، كما ألف كتاب "روض الأنس ونزهة النفس" في الجغرافية، وكتاب في "علم العقاقير" ( انظر تاريخ الأدب العربي لبروكلمان القسم 5 ص 207).
         ولعلّ اسم القبيلة "حمداوة" هو تحريف بفعل التقادم ، وظروف الهجرة والمطاردة، واختلاط العربية باللهجات المحلية لمنطقة المغرب العربي ، للإسم الأصلي "الحموديون" نسبة إلى حمود (أحمد) الناصر.
         ولئن غابت عنا تفاصيل هجرة الأسر الحمودية إلى المغرب العربي وتوزّعها بين القبائل والمدن ، كما هو حال جميع الأسر المسلمة التي هاجرت على دفعات أثناء السقوط التدريجي للأندلس في يد الإفرنج فإن المؤكد لدينا حسب كل المصادر التاريخية التي توفرت لحد الآن أن سيدي أحمد بن علي الدرعي ، البوعمراني الحمودي الحمداوي ، أبا العباس كان تلميذاً لأبي العباس أحمد يوسف المتوفي سنة 927 هـ ، دفين مليانة بالجزائر ، وأنه ظل بمليانة بجوار  ضريح شيخه يواصل دعوته الشاذلية ويدرس الفقه والقرآن الكريم ، وينفق على المساكين من ماله الخاص ثم فجأة يختفي من المنطقة كليةً ، ويظهر في زاكورة وقد أضيف إلى اسمه لقب "الدرعي" نسبة إلى النهر الذي ألقى عصا الترحال بجواره، يعلّم الناس القرآن والفقه ، في العراء ، على الأرض الجرداء ، متكئاً على جذع نخلة -كما تقول الرواية الشفوية- اقتداء بالنبي صلى الله عليه وسلم في أول عهده بالمدينة المنورة. وقد نصب خيمة لأسرته في قصر الباشا حيث مسجده وخلوته حالياً.

هناك تعليق واحد:

  1. هل من معلومات حول هجرة بعض احفاد سيدي احمد بن علي الدرعي نحو شمال زاكورة على طول وادي درعة ولكم جزيل الشكر ؟

    ردحذف